نزول عيسى(عليه السلام) أخر الزمان
د.صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
مذاهب حول نزول المسيح:
مذهب النفي المطلق: وبقوم على نفى كل الدلالات التي تشير إليها الأحاديث الواردة في نزول المسيح ،باعتبار أن الأحاديث الواردة فيه أحاديث آحاد ، وبالتالي ظنيه الورود والدلالة،و لا يجوز الأخذ بها في العقيدة"الغيبيات".
مذهب الإثبات المطلق: اى إثبات كل الدلالات الواردة في أحاديث نزول المسيح، اى اعتبار هذه الأحاديث ذات دلاله قائمه بذاتها.
مذهب الإثبات المقيد:والمذهب الذي نرجحه هو إثبات الدلالات التي تفيدها الأحاديث الواردة فيه، والتي لا تتناقض مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، ومضمون هذه الدلالات أن نزول عيسى(عليه السلام)من الاشراط العظمى السماوية للساعة ، وبالتالي فهو مرتبط بعالم الغيب ، وليس عالم الشهادة والسنن الالهيه التي تضبط حركته، اى انه باعتبار نبوته من أوائل الذين يبعثون يوم القيامة . ويقارب هذا الراى تعليل القرطبي للحكمة من نزول عيسى(عليه السلام) آخر الزمان على ثلاثة أوجه ، الوجه الثاني هو" انه يحتمل أن يكون إنزاله لدنو اجله لا لقتال الدجال لأنه لا ينبغي لمخلوق من تراب أن يموت في السماء... فينزله الله تعالى ليقبره في الأرض مده يراه فيها من يقرب منه ويسمع به من ناي عنه ثم يقبضه فيتولى المؤمنون أمره ويصلون عليه...فينشر إذا نشر معه ..غير انه يتفق في تلك الأيام من بلوغ الدجال باب اللد...فعلى هذا الوجه يكون الأمر بإنزاله لا انه ينزل لقتال الدجال قصدا)( التذكرة، ص610)، حول موت عيسى (عليه السلام): وقد تعددت الآراء حول موت عيسى (عليه السلام )، الراى الذي نرجحه هو الراى القائل أنه مات وليس حي ، يقول الشيخ شلتوت فى تفسير الايه (انى متوفيك ورافعك إلى)( ال عمران: 55 )( فكلمه توفى لم تستعمل في القران ، فى غير معنى الموت، إلا في حاله ورود ما يصرفها عن هذا المعنى المتبادر، والرفع المصرح به في الايه هو رفع المكانة لا رفع الجسد بناء على قول من زعم انه حي في السماء وانه سينزل منها آخر الزمان)(شلتوت:الفتاوى60-61)، أما استدلال البعض بالايه( وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا) بأنها تفيد انه حى، فمرفوض بدليل ورود الايه في حق بعض الأنبياء الآخرين كما في قوله تعالى (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)، وبدليل وصف القران للشهداء بالحياة عند الله ولا يعنى أنهم أحياء في الدنيا( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
نزول عيسى وشهادة الأنبياء : فنزول عيسى (عليه السلام)) آخر الزمان ما يندرج تحت مفهوم شهادة الأنبياء على أممهم يوم القيامة ،كما فى قوله تعالى (وان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليكم شهيدا)( النساء) و(اانت قلت للناس اتخذوني و امى الهين من دون الله) (المائدة:116)وقوله تعالى ( ما قلت لهم إلا ما امرتنى بعه أن اعبدوا الله)(المائدة":117)
مذاهب تفسير مصطلح (حكما عدلا ) : ونزول عيسى(عليه السلام) من الاشراط الارضيه للساعة ، يدل على هذا قول الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ( لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية)(صحيح مسلم:155). وهناك مذهب يفسر مصطلح (حكما عدلا) بتولي عيسى (عليه السلام) مقاليد السلطة السياسية في جماعه المسلمين حين نزوله ، كما أن هناك مذهب آخر يرى أن التفسير السابق لمصطلح (حكما عدلا) يخالف كون مصطلح حكم ورد في القران- وكذا السنة - بمعنى القضاء والفصل في الخصومات وليس بمعنى السلطة السياسية ، كما يخالف جمله من الأحاديث التي تنفى ذلك منها قوله(صلى الله عليه وسلم)( كيف انتم إذا نزل عيسى ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) ، وفى حديث أخر أن المؤمنين يقولون لعيسى (تعال صلى بنا) فيقول (لا بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله لهذه الامه)..ويفسر هذا المذهب مصطلح( حكما عدلا) الوارد في الحديث بكون عيسى (عليه السلام) يفصل بين المتخاصمين ، وهم هنا أتباع الأديان المختلفة، فينكر ما كان باطلا حتى عند أتباعه من المسيحيين الذين حرفوا الإنجيل، ويقر الحق حتى عند غير أتباعه من المسلمين الذين يقرون بنبوته.
الأربعاء أغسطس 06, 2014 11:18 pm